0
Home  ›  دراسات ومقالات

عن أدب الأطفال في" السياسي" مع محمود سالم


جريدة السياسي الالكترونية
موضوع وحوار 30/7/2009

تعتبر كتب الأديب "محمود سالم" هي الأشهر في عالم كتب الأطفال في مصر والوطن العربي، إذ إنه هو صاحب أهم سلسلتيّ مغامرات عربية ظهرتا منذ منتصف الخمسينيات وحتي الآن. وهما سلسلتَا "المغامرون الخمسة" وهي للأطفال من الثامنة إلى الخامسة عشرة، وسلسلة "الشياطين الـ13" وهي للأولاد والبنات حتى ما بعد سن الثامنة عشرة.

ولكن لماذا حصدت هذه المغامرات شهرة أكثر من شهرة كاتبها؟ يوضح الكاتب الكبير محمود سالم هذه المفارقة، بأنه كان يفضل أن يتوارى دائما في الظل، لدرجة أنه كان يرفض نشر صوره، حتي يتخيل كل قارئ كاتب هذه المذكرات على طريقته، ويتعامل معها على أنها في حد ذاتها لغز.

ولد محمود سالم بالإسكندرية 1929، وبدأ تعليمه فى الكتّاب كما كان متبعا فى تلك الفترة، وتنقل ما بين كليات الحقوق والآداب والخدمة الاجتماعية، ثم دخل عالم الصحافة كمحرر فى أول مجلة تصدرها الثورة عام 53 وهى "التحرير"، ثم تولى رئاسة تحرير مجلة "الإذاعة والتليفزيون".

أما قصص المغامرت التي كانت سبب مجده الحقيقي، فقد بدأ كتابتها بالمصادفة عندما طلبت منه السيدة "نادية نشأت" المسؤولة عن قسم الأطفال فى "دار المعارف" إذّاك، ترجمة لغز "الكوخ المحترق" عن اللغة الإنجليزية، ولكنه بدلا من الترجمة كتب ألغازا ومغامرات مصرية خالصة، وضع في هدفها العام التحفيز علي محاربة إسرائيل بالعلم والفكر والذكاء باعتبارها كانت العدو الأول لنا.


ـ بُنيت شهرتُك على الكتابة للأطفال، خصوصا ما عُرف بسلسلة "المغامرون الخمسة".. فلماذا لم تكمل كتابة هذه السلسلة وقد حققتْ شهرة كبيرة في مصر والوطن العربي؟

وصل ما كتبته من "المغامرون الخمسة" مائة لغز لدار المعارف، وبالموزاة كنت كنت سلسلة أخرى تُنشر في بيروت بعنوان "الشياطين الـ 13"، وكان دائما هناك هدف خفي في هذه الألغاز وهو أننا لدينا عدو هو إسرائيل، وأننا نستطيع أن نتغلب عليه.. ولم تكن هذه الألغاز مجرد قصص مغامرات، ولكنها دائما من ورائها هدف سياسي، والفن الحقيقي هو أن لا تعلن عن أهدافك بصورة مباشرة.

واكتفيت بالمائة لغز، بعدما حدث لي كثير من المشاكل، منها أولا الضرائب التي طالبتني بمبالغ فلكية، وانتهت بعد أن ألغى الرئيس السادات الضرائب على الأعمال الأدبية، ثم قيام أنيس منصور رئيس دار المعارف الناشرة للألغاز بتخفيض عمولتي التي أحصل عليها وكانت 10% من كل غلاف، وقال لي "أنت كده بتكسب أكتر من الدار" فقرر تخفيض العمولة إلى 8%، وكنا نطبع أكثر من مائة ألف نسخة.. ومن حينها توقفت، خصوصا بعد أن أصبح النشر والكتب الورقية لا تحقق أية عائد يذكر، في ظل وجود دور نشر لا تعطي المؤلف حقه إلا بطلوع الروح!!

ـ إذن هل لكل هذه الأسباب أعلنت اعتزالك كتابة الألغاز؟

الحقيقة لم أستطع، فقد أعادت إليّ السيدة "ماجدة الجندي" رئيس تحرير مجلة "علاء الدين" التي يصدرها "الأهرام" حماسي القديم، وبدأت أكتب من جديد للمجلة، ثم طلب مني "إبراهيم المعلم" طبع الألغاز الجديدة من دار نشر "الشروق".

ـ هل تتوقع أن تحقق الألغاز الجديدة التي تكتبها مستوى الإقبال القديم نفسه، برغم تغيير الميديا في هذا العصر؟

الألغاز مثل كل الأعمال التي بها بطل محبوب، والناس تحب هذه الأبطال، وأذكر أن رئيس دولة عربية طلب بعض الألغاز ولم أكن أملك واحدا منها، وطلبوا مني في الرئاسة أن أجد له بعض النسخ منها بأي شكل، ونظير ذلك أهداني سيفًا من الذهب.. وأنا أكتب، ولست مطالبا بمعرفة من يقرأ ومن لا يقرأ.

ـ ولكن لماذا لا يوجد في أدب الأطفال العربي شخصية البطل الخارق، مثل "طرزان" أو "سوبر مان" أو الخيال الجامح في حكايات "هاري بوتر"؟

هذا عمل الميديا التي تغفل صناعة البطل في الأدب العربي، وأنا بصفة عامة أرفض فكرة البطل الخارق، وقصصي كلها تقوم علي فكرة محاكاة الواقع، وهاري بوتر مسروق من "ألف ليلة وليلة"، ولكن مع استخدام التكنولوجيا المعاصرة. وكتاباتي ضد اللاواقعية، وأنا لن أغير طريقة كتابتي. وأعتقد أن الكتابة للأطفال في الوطن العربي "بتنقرض" فلم يخرج أحد من بعدي يكمل الطريق، أو حتي يكتب بشكل مختلف، كان فيه المؤلف مجدي صابر، ولكنه لم يكمل واتجه لكسب الملايين من خلال الدراما التليفزيونية بدلا من ملاليم الكتابة الأدبية.

ـ إذن هل سوف ينتهي أدب الأطفال في الوطن العربي؟

هذا احتمال وارد، لأن معظم كتاّبه لم يستفيدوا من التكنولوجيا الحديثة وتوظيفها في الكتابة، أنا لم أستفد بحكم الزمن في كتاباتي، وصلت إلى الثمانين عاما، ولم أر كاتبا واحدا حتى الآن، فهم غير موجودين أصلا.

ـ ما مساوئ الكتابة للأطفال في الوطن العربي؟

لا بد أن نتساءل أولا هل هناك أدب للأطفال في الوطن العربي أم لا؟ الحقيقة كان هناك كتاب للأطفال جيدون جدا، ولكنهم تركوها مثل "محمد المخزنجي" في مصر وهو "كاتب جبار"، ولو استمر في الكتابة للأطفال كان سيصبح أفضل مني، ولكنه اتجه الى العلم باعتباره دكتورا.. وفي السعودية "يعقوب اسحاق"، وكان يصدر مجلة للأطفال اسمها "حسن" ولكنها أُغلقت!

والمشكلة أن البيت العربي ليس بقارئ، وإجمالي عدد القراء في الوطن العربي لا يوزاي عدد القراء في شارع في انجلترا أو حتي في إسرائيل، نحن لا نقرأ وهذه حقيقة معروفة، وخصوصا كتب الثقافة فهي لا تُكسِب، وهذه مسألة محزنة، والدراما التلفزيونية سرقت الناس من القراءة.



إرسال تعليق
Search
Menu
Theme
Share
Additional JS