جذبت قصص يوسف إدريس الأولى الانتباه إلى أن اسمه سيصبح من الأسماء اللامعة في فترة وجيزة وهو ما حدث بالفعل خاصة بعد كتابة قصة " أنشودة الغرباء " والتي نشرت في مجلة " القصة " عام 1950 ، وبعدها تابع نشر قصصه في مجلة " روز اليوسف " ، ثم قدمه عبد الرحمن الخميسي إلى قراء جريدة " المصري" التي كان ينشر فيها قصصه بانتظام، ثم كتب عدة مقالات في مجلة "صباح الخير" ، ثم أصبح من كتاب جريدة " الجمهورية " التي كان يرأس مجلس إداراتها في ذاك الوقت الرئيس الراحل أنور السـادات حيث بدأ بنشر حلقات قـصص "قــاع المدينة " ، " المسـتحيل " و" قبر السلطان " ، وبعدها انطلق يوسف إدريس مؤكدا مكانته كأبرز كتاب القصة القصيرة .
وقد عايش إدريس ظهور وتطور التيارات الفكرية والسياسية الوطنية التي انتعشت في مراحل الاستقلال وتأثر بالفكر الماركسي بعد أن قوي بسبب دور الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية والتحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها العالم في ذلك الوقت.
ووفقا للنقاد فإن رؤية إدريس الأدبية والفكرية تستند إلى حساسية فائقة وإدراك نافذ لمظاهر الوجود الإنساني وحقائقه، أكثر مما تستند إلى "معرفة " معلوماتية محدودة، ويجمعون علي أن كتابته تتسم بمعرفة عميقة للواقع الاجتماعي المصري وبأسلوب ساخر تشوبه روح الفكاهة معتمداً على استعمال اللغة العامية في أغلب الحوارات.ويرى النقاد أن عالم يوسف إدريس القصصي يدور في أكثر ما كتب حول ثالوث واضح الملامح هو: الله، الجنس، السلطة..وقد ظهر هذا الثالوث متبلوراً جلياً في مجموعته الذائعة الصيت (بيت من لحم) ، ولذا فقد اندفعت موهبته بحزم وعمق فنيين لتجسد هذه القضايا، وتصنع منها جواً مصيرياً يرسم مصير الإنسان، ويسيطر على عالمه.يؤكد سمير عمر إن فكرة القدر ووجود قوة عليا مهيمنة ، برزت بوضوح في رسم شخصيات ومسار قصصٍ كثيرة عند يوسف إدريس ، مثل قصة ( قبر السلطان ) ؛ وقصة ( لأن القيامة لا تقوم ) ؛ وقصة ( أكبر الكبائر ) ؛ وانتصر يوسف إدريس دائما لمأساة الإنسان المسحوق في مجتمع طبقي ظالم ، عبر مهارة فنية في السرد والحوار وإحكام بناء النسيج القصصي.

إضغط على الصورة للتحميل