0
Home  ›  كتب منوعة

ملك بن نبي.. رائد تجديد الفكر الإسلامي


يعتبر مالك بن نبي ومدرسته من أكثر المدارس الفكرية التي كان لها أثر واضح في تحديد وصنع ملامح الفكر الإسلامي الحديث، خاصة أن هذه المدرسة اهتمت أكثر من غيرها من المدارس الأخرى بدراسة مشكلات الأمة الإسلامية؛ انطلاقا من رؤية حضارية شاملة ومتكاملة. فقد كانت جهوده لبناء الفكر الإسلامي الحديث وفي دراسة المشكلات الحضارية عموما متميزة؛ سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو المناهج التي اعتمدها في ذلك التناول.
"وكان بذلك أول باحث حاول أن يحدد أبعاد المشكلة، ويحدد العناصر الأساسية في الإصلاح، ويبعد في البحث عن العوارض، وكان كذلك أول من أودع منهجا محددا في بحث مشكلة المسلمين على أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ"1.
ولم يكن ابن نبي مفكرا إصلاحيا بالمعنى المتعارف عليه عند معظم من تناول مؤلفاته، بل كان في جوهره "شخص الفكرة"، كان بالأساس تعبيرا عن رؤية منهجية واضحة، ومفكرا معرفيا، أدرك أزمة الأمة الفكرية، ووضع مبضعه على أُس الداء، وهو بنيتها المعرفية والمنهجية، إنه -من دون شك- واحد من أهم رواد مدرسة "إسلامية المعرفة" وإصلاح مناهج الفكر، وإن مفاتيح مالك لا تزال تملك قدرة توليدية في مجال المفاهيم والمنابع والعمارة الحضارية بكل امتداداتها وتنوعاتها (منفول عن إسلام أون لاين)
ولد الأستـاذ مالك بن نبي في 05 ذي القعدة 1323 هـ الموافق لـ 01 جانفي 1905 بمدينة قسنطينة (الجزائر)، مدينة العلم والعلماء. انتقلت أسرته إلى مدينة تبسة ثم لحق بها بعد فترة قضاها في قسنطينة عند أقاربه، وفي تبسة انتظم في حلقة لحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، و أتم تعليمه الابتدائي والإعدادي.
عاد مالك بن نبي إلى قسنطينة لمزاولة المدرسة التكميلية، ثم ثانوية التعليم الفرنسيي الإسلامي حيث نال شهادته سنة 1925. كان بن نبي يتمتع بفطنة وذكاء ورهافة حس، فكان يلاحظ و يحكم على ما يحدث في المجتمع الجزائري آنذاك، من جراء الوجود الاستعماري منذ قرابة القرن بما أحدثه من تمييز واغتصاب الأملاك وعدم المساواة … و بعد انتهائه من الدراسة، بحث عن عمل يناسبه، لكن إذا استثنينا مدة قصيرة اشتغل فيها عادلا، (أي مترجما) بالمحكمة الشرعية بمدينة آفلو، وبعدها إلى مدينة شلغوم العيد، باءت كل محاولاته بالفشل؛ لأن الإدارة الاستعمارية أوصدت كل الأبواب في وجهه .
في سنة 1930، غادر ابن نبي الجزائر متوجها إلى باريس (فرنسا)؛ لمواصلة دراسته، فحيل بينه وبين رغبته في دخول معهد الدراسات الشرقية، فتوجه إلى مدرسة اللاسلكي، التي تخرج فيها مهندسا كهربائيا سنة 1935، فكان بذلك أول مهندس جزائري في الكهرباء.
وبين 1948 و1955، نشر مقالات في صحيفتي “الجمهورية الجزائرية” و”الشاب المسلم”. كتب حوالي 300 مقال تحتوي على جانب من فكره ، فهم مالكٌ بأنَّ الإسلام لا ينبغي على الإطلاق أن يصبح وسيلة لتنويم الشعوب المسلمة؛ بأن نحدثها باستمرار على ماضيها المجيد، بل يجب أن يكون “قوة عاملة”، وحقيقة محركة تعيدها إلى الحياة، و تشدهم إلى مصير الإنسانية المشتركة.
اتَّجه منذ نشأته نحو تحليل الأحداث الَّتي كانت تحيط به . وقد أعطته ثقافته المنهجية الَّتي جمع فيها بين الثقافة الغربية والشرقية قدرة على إبراز مشكلة العالم المتخلِّف باعتبارها قضيَّة حضارة أوَّلاً وقبل كلِّ شيء .
فوضع كتبه جميعها تحت عنوان ( مشكلات الحضارة ) .
تزوج فرنسية واختار الإقامة في فرنسا وشرع يؤلف، في قضايا العالم الإسلامي كله، فكان سنة 1946 كتابه "الظاهرة القرآنية" ثم "شروط النهضة" 1948 الذي طرح فيه مفهوم القابلية للاستعمار و"وجهة العالم الإسلامي" 1954،أما كتابه " مشكلة الأفكار في العالم الاسلامي" فيعتبر من أهم ماكتب بالعربية في القرن العشرين .‏
وعلى الرِّغم من أنَّ غالبية الَّذين تحدَّثوا عن مالكًا تحدَّثوا عنه كمفكِّرٍ وفيلسوف وأغفلوا الجانب الجهادي فيه ، حيث ذُكِر في " ويكبيديا " مثلاً بأنَّه غادر إلى مصر عند اشتعال الثورة الجزائرية في موطنه ، ولم تتحدَّث عنه كونه أحد الشباب الَّذين أيَّدوا ثورة الريف في الجزائر وتصدَّى مع ثلَّةٍ من الشباب للإستعمار الَّذي استخدم المساجد والأئمة للدعاية ضدَّ الثورة - كما ذكر ذلك في كتابه تأمُّلات - .
كما أنَّه طلب إرساله على الحدود الجزائرية للمشاركة في الكفاح، وكتابة مذكرات الثورة، غير أن طلبه لم يحظ بالقبول.
في عام 1956 انتقل إلى مصر، وهناك حظي باحترام، فكتب "فكرة الإفريقية الآسيوية" 1956. وتشرع أعماله الجادة تتوالى، وبعد استقلال (الجزائر) عاد إلى الوطن، فعين مديراً للتعليم العالي الذي كان محصوراً في (جامعة الجزائر) المركزية، حتى استقال سنة‏ 1967 متفرغاً للكتابة، بادئاً هذه المرحلة بكتابة مذكراته، بعنوان عام"مذكرات شاهد القرن" ، كما قام بتنظيم العديد من الندوات الفكرية في أكثر من بلد إسلامي وهو صاحب فكرة الملتقيات الإسلامية الَّتي دامت أكثر من عشرين سنة .
وفي 04 شوال 1393 هـ الموافق لـ 31 أكتوبر 1973 توفي بالجزائر العاصمة فارس الفكر، وفقيه الحضارة، وأكبر مفكر مسلم في عصرنا، تاركا وراءه عملا، يجدر بإنسانية القرن الواحد والعشرين استغلاله من أجل إيجاد طريق جديدة تؤدي إلى تلاقي الحضارات ومنها تكوين “الحضارة الإنسانية” رحمه الله رحمة واسعة وجعل اسمه للخلود وروحه للخلد.
مات مالك بن نبي رحمه الله ، لكنَّ أفكاره ما زالت حيَّة تهيب بالأمَّة أن تتلقفها لتنهض من كبوتها المزمنة ، وتدخل من جديد في مضمار الحضارة . (د. خالص جلبي)
تحميل بعض كتب مالك بن نبي
تأملات
شروط النهضة
الظاهرة القرآنية
الفكرة الأفريقية الآسيوية
في مهب المعركة
القضايا الكبرى
المسلم في عالم الاقتصاد
مشكلة الثقافة
مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
مذكرات شاهد على القرن
إرسال تعليق
Search
Menu
Theme
Share
Additional JS