اعترافات رجل لا يستحي تلخيص مثالي لسيرة الكثير من مثقفي العراق خلال نصف قرن يروي فيها سليم مطر المعاناة الطويلة لمثقف من الشرق، على الصعيدين الاجتماعي والذاتي. ما يكتبه سليم مطر في اعترافات رجل لا يستحيقد لا يمثل سيرته الشخصية وحدها، بل هو تلخيص مثالي لسير حياة مثقفي العراق خلال نصف قرن. هذه «السيرة الروائية العراقية» كما يصفها هو، تمثل تقلبات أجيال متتالية من المثقفين وعذاباتهم وانهياراتهم وأحلامهم وكوابيسهم، ينجح هو في رسم صورة ذاتية تعبيرية تلخّصها أو تختصر فصولها اللانهائية. أكثر من ذلك، لا يقدّم صاحب «امرأة القارورة» (1990) في هذا الكتاب اعترافاته كشاهد فرد، بل يبدو كأنه يعترف نيابة عن الآخرين. بالطبع هناك تفاصيل كثيرة يرويها عن نفسه لا تتطابق تماماً مع ما عاشه مجايلوه أو من الأجيال الأخرى، لكن الصيغة الكلية التي يمكن تأملها في النهاية: صورة مثقف من الشرق مرّ بفترة اختبار طويلة على الصعيدين الاجتماعي والذاتي ليصل إلى فهم ماهية وجوده. وعلى رغم أنّ سليم يؤكد في تقديمه للكتاب أنّه يحب الحقيقة والصراحة التي تبدأ مع الذات، إلا أن الكثير مما يورده، قد لا يمثل تجارب فردية بل هو إعادة لأفكار شائعة في علمي النفس والاجتماع. ففكرة الأجنبي الأبدي التي يذكرها عن نفسه في الفصل الأول وملخصها أنه تكوَّن في رحم أمه من دون رغبتها، وهو منذ إدراكه لوجوده يعاني من شعوره بأجنبيته وغربته عن المكان، وبأنّ أهله في طفولته كانوا يسخرون منه قائلين إنّه ليس ابنهم بل وجدوه في إحدى المزارع. هذه الفكرة التقليدية لم تعد معقولة في زمن الاغتراب العربي، ولم تعد تؤرق عشرات الملايين من المهاجرين الذين يبحثون بلا جدوى عن أوطان أخرى.
بقلم سعد هادي

إضغط على الصورة للتحميل