«إحدى مهام الأدب العظيم إيقاظ الإنسان السائر صوب المقصلة».
أرنستو ساباتو
هجر الكاتب الأرجنيني أرنستو سباتو( Ernesto Sabato, 1911) الفيزياء بعد أن نال درجة الدكتوراه فيها من باريس وتوجه إلى الأدب حيث وجد فيه أرضا أقل لزوجة واكثر تماسكا. هذا التحول قاد ساباتو الى حصد جوائز أدبية رفيعة حيث فاز بجائزة" سرفانتس" التي تعد أرفع جائزة للآداب الإسبانية عام 1945 , كما فاز بجائزة عام 1967 لأفضل رواية أجنبية في فرنسا ، فضلاَ عن ترشيحه للفوز بجائزة نوبل مؤخرا. ساباتو الذي ناهز المئة من العمر, قام باحراق اكثر اعماله الابداعية خلال مسيرته الأدبية, وهو مايكشف مدى قلق الكمال الذي يعاني منه كما ويكشف سر عدم انتشاره عالميا.عندما سئل عن ذلك أجاب " ربما كان تطهيرا, أو ربما لأن جميع الأطفال تقريبا مهووسون بالنار" قالها مبتسما.

يقول ساباتو عن هذا الكتاب بأنه يوميات بل مجموعة شكوك لكاتب من أميركا اللاتينية يملك عذاباته الخاصة.
وجاء أول كتاب لساباتو ( الفرد والكون ) الصادر في عام 1945 شهادة بارزة على تمزّق هذا الكاتب اللامع الذي أغرته العلوم البحتة رغم وعيه الفلسفي بعبث هذه الدقة العلمية كلها. في البدء درس ساباتو الفيزياء ونال درجة الدكتوراه ثم عمل لفترة من الوقت في معاهد باريس العلمية. و في منتصف الأربعينات يترك ، بلا رجعة ، العلوم و يتفرغ للأدب. وما كتابه المذكور الذي حقق شهرة كبيرة إلا ثمرة هذا التبدل الأساسي. وكان الكتاب مجموعة نصوص قصيرة حول شتى المواضيع بل عومل كمعجم فلسفي – أدبي من طراز غير مالوف. و يعود ساباتو الى هذا الشكل الكتابي في عدد من مؤلفاته إلا أن التقدير العالمي جاءه بفضل رواياته . ولغاية اليوم يعرف هو كروائي و ليس كاتب مقالة رغم أنه شخصيا يقدّر ذلك الشكل أكثر من غيره.
في ( الكاتب وكوابيسه ) يوضح ساباتوالأسباب التي دفعته الى إختيار العلوم البحتة وهي البحث عن النهج الرياضي المثالي ( الإفلاطوني ) ،عن النظام الذي لم يعثر عليه في داخله. وكانت تلك الفترة من حياته فترة الإيمان الوضعي بالعلم. إلا أن هذا الإيمان لم يبق طويلا. فالعقلانية الجافة التي تقود كل شيء الى أحوال الإعتماد القائمة على قانون السبببية ، الى القالب والصيغة الميتة ، قد أفزعت ساباتو.


إضغط على الصورة للتحميل