الفلسفة السّياسيّة _ أو العلم المدني عند الفارابي _ تتناول أنواع الأفعال والشّرائع الإداريّة والملكات والأخلاق والسّجايا والشّيم الّتي تنجم عنها الأفعال،والغايات الّتي من أجلها تُفعل الأفعال طبقاً لقوله بأنَّ العلم المدني هو الّذي " يفحص عن أصناف الأفعال والسِّيَر الإراديّة وعن الأخلاق والسّجايا والشّيم الّتي عنها تكون تلك الأفعال والسّنن ، وعن الغايات الّتي لأجلها تفعل ، وكيف ينبغي أن تكون موجودة في الإنسان " ( الفارابي ، أبو نصر ، السياسة المدنيّة ، حققه وقدّم له ،الدكتور فوزي متري نجّار ، الطبعة الأولى، بيروت ، ص15) .

ولمّا كانت السّعادة هي الغاية المنشودة لفلسفته السّياسية ، فقد تناول كلّ ما من شأنه أن يكون على علاقة بسعادة الإنسان ، فأصبح العلم المدني لديه يُعنى بالمبادئ الأوّليّة والنّظريّات الإلهيّة نظراً للصّلة الّتي تربطها بسعادة الإنسان ، أمّا السّعادة في أعلى درجاتها فلا يتوقّف تحصيلها على أفعال الإنسان فحسب ، وإنّما على آرائه أيضاً من هنا انفرد كتاب الفارابي " مبادئ آراء أهل المدينة الفاضلة " في إبراز الآراء الّتي يتعيّن على أهل المدينة الفاضلة الأخذ بها حتّى يصلوا إلى السّعادة الّتي هي الكمال النّظري الّذي لا يوجد إلاّ في الأذهان والنّفوس فحسب.

إضغط على الصورة للتحميل