في 3 كانون الثاني عام 1889 كتب نيتشه الى احدى المعجبات من قرائه وهو راقد في مصح الأمراض العقلية بأن «العالم مجنون والإله على الأرض الآن، ألا ترينه؟ لقد فرحت السماء بذلك، وحصلت الآن على ملك في مملكتي.. ارمي الباب في السجن واتركي فلهلم بسمارك ووزيره شتوكر مقتولين»، ثم قال «لقد اكتشفنا السعادة. هكذا قال آخر البشر وغمز بعينيه.. لا يوجد راع وانما فقط قطيع، كل يريد الوصول الى نفس الهدف، وان يكون مساوياً للآخر».

يعتبر كتابه «هكذا تكلم زرادشت» 1883 من اشهر كتبه، بل والأعظم من بينها. فقد كتبه بأسلوب ادبي ـ نقدي رفيع المستوى، جمع بين النثر والشعر والموسيقى، وصاغ فيه افكاره «الجهنمية» وصور نموذج الانسان المتفوق، الخارق للعادة (السوبرمان) الذي رآه متحرراً من القيود الاجتماعية والأخلاقية، مثل انسان عصر النهضة الذي تجرأ على ان يعيش حياة تتفق مع مصيره الاعلى، وكانت معرفته هي الشكل الظاهري لارادة القوة التي هي هدف الحياة.

في هذا الكتاب كان نيتشه شاعراً اكثر منه فيلسوفاً، اذ قال عنه الاديب الالماني الكبير توماس مان بأنه «افضل ما كتب باللغة الالمانية». كما قال عنه نيتشه نفسه «لقد اوصلت اللغة الألمانية الى ذروة كمالها». وفي هذا الكتاب كسر نيتشه جميع الحواجز التي وقفت امامه وحطم الايمان بالحقيقة المطلقة والقيم الانسانية. ومما قاله: «ليس هناك وجود مطلق وانما وجود يتكون، وليس هناك تجديد لا نهائي وانما عودة ابدية، مثل الساعة الرملية الأبدية للوجود التي تعيد دورتها باستمرار، ولا يحتاج الانسان فيه الى شعور رقيق، لأن كل المبدعين يجب ان يكونوا اقوياء الارادة».

إضغط على الصورة للتحميل