في تفاعله مع الحياة العامة والثقافية، كان المسيري حريصا على عدم الانجرار وراء تصفيق الجماهير أو بريق الإعلام، متمسكا بموضوعية الباحث وهدوء المفكر، ورغم هذا الحرص فإنه حصد دوما تصفيق الجماهير، وأيضا حبها واحترامها.

"رغم التحولات التي مررت بها، فإن مكونات رؤيتي وعناصرها الأساسية لم تتغير، برغم تغير بعض الأسس الفلسفية، وبرغم تغير المنهج، فجوهر رؤيتي للعالم أن الإنسان كائن فريد وليس كائنا ماديا، وأن المساواة بين البشر مسألة ضرورية، الإنسان بلا شك يعيش في عالم المادة وجزء منها، لكنه جزء يتجزأ وليس جزءا لا يتجزأ منها؛ لأن فيه ما يجعله يتجاوز السقف المادي. هذه الرؤية الإنسانية كانت تترجم نفسها إلى الإيمان بضرورة المساواة بين البشر، وأن العدل من ثم قيمة أخلاقية أساسية، هذه الرؤية الأساسية هي الخيط الناظم في كل ما أكتب، وفي تطور حياتي الفكرية، المرجعية الفلسفية قد تغيّرت من فترة لأخرى، لكن طلب الرؤية كما هو، برغم تغير السبل
والمناهج التي تؤدي إلى تحقيق هذه الرؤية، لقد التحقت في بداية حياتي لفترة قصيرة بـ"الإخوان المسلمين" في مرحلة الصبا، ثم اتجهت إلى الماركسية، وعشت مرحلة من الشك، ولكن مع الالتزام بالقيم المطلقة، مثل الحق والخير والجمال والإيمان بأن الإنسان كائن غير مادي، وضرورة إقامة العدل في الأرض، وبالتدريج وعلى مدى رحلة فكرية استغرقت أكثر من ثلاثين عاما عدت مرة أخرى إلى الإسلام لا كعقيدة دينية وحسب ولا كشعائر، وإنما كرؤية للكون وللحياة وكأيديولوجية." عبد الوهاب المسيري

إضغط على الصورة للتحميل