امتاز أسلوب الرصافي بمتانة لغته ورصانة أسلوبه، وله آثار كثيرة في النثر والشعر واللغة والآداب أشهرها ديوانه "ديوان الرصافي" حيث رتب إلى أحد عشر باباً في الكون والدين والإجتماع والفلسفة والوصف والحرب والرثاء والتاريخ والسياسة وعالم المرأة والمقطعات الشعرية الجميلة.

يقدّم الرصافي وصفا للرسول محمّد في مطلع كتابه بالقول :"أعظم رجل عرفه التاريخ. أحدث في البشر أعظم انقلاب عامّ في الدين والسياسة والاجتماع، وقد أوجد هذا الانقلاب بواسطة نهضة عربية المبتدأ عالمية المنتهى، بدّلت مجرى الحياة الإنسانية وحولتها إلى ما هو أعلى مما كانت عليه قبلها حتى أن آثارها في قليل من الزمن عمت الشرق والغرب، ولم تزل آثارها باقية إلى يومنا هذا وستبقى إلى ما شاء الله. إن تلك الشخصية العظمى التي يمثّلها محمد بن عبد الله في بني آدم قد اجتمع فيها من عناصر الكمال البشريّ ما لم يعرف التاريخ اجتماعه في أحد قبله :عزم لا يردّه رادّ، وتفكير عميق الغور بعيد المرمى، وخيال واسع قويّ يكاد يقاوم الحقيقة بقوّته، وطموح إلى العلى لا يعلو عليه طموح".
ويتابع في وصفه لشخصية الرسول :"هذه من العناصر الأصلية التي تتكون منها شخصية محمد، أضف إلى ذلك ما أوتي من غزارة عقل وثقوب ذكاء، إلاّ أنه في هذه الناحية لا يفوق إلاّ المحيط الذي نشأ فيه والعصر الذي هو منه، أي أن عقليته لا تتجاوز في تفوقها إلاّ العقلية العربية في زمانه وبيئته. ولئن جاز أن يعلو عليه عال في العقل والذكاء فلا يجوز أن يفوقه أحد فيما أوتي من صبر وحزم، وهو مع ذلك بشر يتعاوره من أحوال البشر ما يتعاور كل إنسان.

لم يعش الرصافي عمرا يسمح له برؤية كتابه مطبوعا تحتضنه المكتبات ودور النشر، فقد توفي قبل ذلك بكثير. وعندما تجرأت إحدى الدور على نشره، أحدثت لدى رجال الدين والمؤسسات الفقهية مدعومة من السلطات السياسية ردة فعل عنيفة، كانت مصادرة الكتاب من المكتبات ومنع عرضه في معارض الكتب أول الإجراءات المتخذة بحقه، بحيث بات على الراغب في اقتنائه اللجوء إلى السوق السوداء ودفع ثمن أغلى من أجل اقتنائه.ورغم أن الرصافي حاول أن يقدم قراءة موضوعية لشخصية الرسول معتمدا فيها على السير الذاتية المعروفة، ولم ينطق الرجل عن موقع "الحادي" أو مناقض لجوهر الدعوة الإسلامية، إلاّ أن ذلك لم يمنع خصومه من الاتهام بأنه شكك وطعن في القيم والمبادئ والمثل الإسلامية بل في كل الموروث الإسلامي.

إضغط على الصورة للتحميل