لم تكن غربة المكان واللغة هي مسافةَ الابتعاد بين مالك حداد أو غيره من فرسان الكلمة والابداع السامي الجزائري وبين ما ما يجري في وطنهم. بل العكس فهي معمقة الصلة ووعاء الصرخة لايصال صوت الثورة والمناضلين وصرخة الوطن المستباح الى كل أصقاع الدنيا ومن عقر دار المحتل وبأداته اللغوية وأساليبه التعبيرية ، وبابداع ارتقى قمة الفن التعبيري . مالك حداد (1927 – 1987 )هو الصوت الذي صاغ وصوّر ذلك الخيط المشدود والمتين بين الاغتراب المكاني والارتباط الروحي بالوطن وبانسان الوطن الذي ولد هو فيه وعايش نبضه وأحس بكل زوايا معاناة انسانه ، واختبر وعانى وطأة ثقل المستعمر وجرائمه، لذا نراه يقول عن ولادته: "لقد وُلدت في الثامن من أيار سنة 1945 سنة الشقاء سنة المجزرة الرهيبة."مع أن ولادته هي في عام 1927 . اذن ما الذي دفعه الى تأريخ ولادته بسنة 1945 ؟ لقد أخبرنا التاريخ بأنه في هذه السنة هُدِّمتْ قرى على رؤوس أهلها، وجزَّ المظليون الفرنسيون رقابَ العُـزّل من الناس ، وغرز المستوطنون حِرابهم الخبيثة في صدور الآمنين غيلةً وغدراً مليئاً بالحقد. هذه المقولة تلخِّص بعمق مدى حب مالك حداد لوطنه وتعلقه به, لذا ليس من المستغرب أن يوقف ابداعه وفنه شعراً ورواية على تصوير ما يجري في وطنه والتعبير عن الثورة وعمق الصلة الروحية بين الوطن والذات الخلاقة ، حتى في وجدياته ووجدانياته يحملنا معه على رفرفة همومه مع الوطن والغربة. عبد الستار نورعلي

إضغط على الصورة للتحميل